إيكوبريس محمد الراضي –
خلق إعلان بدأ المغرب في استغلال الغاز المستخرج من حقل تندرارة المتواجد في إقليم فكيك شرق المملكة، جوا من التفاؤل بين المغاربة، خاصة وأن هذا الإعلان جاء بعد أسابيع قليلة من وقف الجزائر تزويد المغرب بالغاز ووقف العمل بالأنبوب المغاربي الأوروبي.
الشركة البريطانية التي تستفيد منذ 2019 من عقد امتياز للتنقيب واستغلال الغاز بمساحة 14 ألف كيلومتر مربع في حقل تندرارة، أعلنت في بيان لها، الأسبوع الماضي، أنها أبرمت عقدا مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، من أجل تزويده بالغاز الطبيعي المستخرج من حقل تندرارة لمدة 10 سنوات.
لكن السلطات المغربية والإعلام الرسمي المغربي، أحاط هذا الخبر بنوع من السطحية، لأن خبايا الصفقة أكبر مما أُعلن عنه، وتثير شبهات لزواج سري ما بين السلطة والمال. حيث أن معطيات توصلت بها صحيفة إيكوبريس الالكترونية، تكشف أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش يملك 9,8% من أسهم الشركة البريطانية Sound Energy PLC بقيمة 2 مليون جنيه إسترليني، وفق صفقة أبرمت بين الشركة البريطانية وشركة أفريقيا غاز التابعة لهولدينغ رئيس الحكومة AKWA Groupe.
زيادة على ذلك، ستقَدم أفريقيا غاز قرضا بقيمة 18 مليون دولار للشركة البريطانية من أجل تمويل مخططاتها الاستثمارية بحقل تندرارة، كل هذا يأتي بمقابل حصول إفريقيا غاز سنويا على ما لا يقل عن 100 مليون متر مكعب من الغاز المستخرج من حقل تندرارة لمدة 10 سنوات، وباعتبارها الشركة المستحوذة على 44% من سوق الغاز المسال بالمغرب، ستعمل أفريقيا غاز أيضا على توفير خدمات النقل والتخزين من أجل الاستعمال النهائي، وإعادة تكرير الغاز.
بذلك تكون الشركة التابعة لرئيس الحكومة بجانب استحواذها على نصيب الأسد في سوق استيراد وتوزيع البنزين والگازوال والأكسجين في المغرب، ها هي الآن تستحوذ كذلك على سوق الغاز المسال.
وإن كانت كل هذه الصفقات تدخل في سياق التجارة وتحقيق الربح الناتج عن الاستثمار، فإن بعض شبهات الإعفاء والتساهل الضريبي مع الشركة البريطانية التي يعد رئيس الحكومة مالكا لنسبة من أسهمها تفسد هذه الصورة.
فبمجرد ما عُقد اجتماع للاتفاق على شراء أفريقيا غاز لحصة من أسهم الشركة البريطانية بتاريخ 29 يوليوز 2021، خرج تقرير بموقع Morningstar بعد مدة لم تتجاوز 10 أيام، يفيد أن المغرب ممثلا بمحمد بنشعبون، الذي كان يترأس وزارة المالية آنذاك، قد تراجع عن المطالبات الضريبية المتعلقة بالاستحواذ على الأصول غير الملموسة بين عامي 2016 و 2018، بعد عقد عدة جلسات بين الشركة البريطانية ومديرية الضرائب المغربية.
لتقفز بذلك أسهم الشركة ببورصة لندن بعد انتشار هذا الخبر، حيث قفز تداولها على ارتفاع 11%، ليحقق حاملو هذه الأسهم أرباحا مهمة، خصوصا لمن يمتلك ما يقدر ب 2 مليون جنيه استرليني من أسهم الشركة.
الأكثر من ذلك أن گراهام ليون الرئيس التنفيذي للشركة البريطانية، قال بصريح العبارة في لقاء له مع S&P Global Platts أن إشتغال Sound Energy بحقل تندرارة يأتي بشراكة مع المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، وأن هذا الأخير الذي يقع تحت إدارة أمينة بنخضرا التي تنتمي أيضا لحزب التجمع الوطني للأحرار (حزب رئيس الحكومة الحالي)، يعد من أشد الداعمين للشركة البريطانية، حيث دافع بشدة عن إسقاط الضرائب التي كانت تطالب بها الحكومة المغربية.
فهل من المعقول أن تقف مؤسسة عمومية في صف شركة أجنبية لإسقاط مطالب ضريبية للحكومة المغربية؟ ! أم أن رجال ونساء الأعمال بحزب الحمامة يضعون مصالح شركاتهم فوق المصلحة العامة للمغرب والمغاربة؟
لأنه وبشكل واضح، فرغم أن تعاقد عزيز أخنوش مع الشركة البريطانية، كان تحت غطاء عقد استثماري بين شركة أفريقيا غاز و شركة ساوند إنرجي، إلا أنه لو لم يتم تقديم وعود بالتخلي عن مطالب الحكومة بالضرائب المستحقة ضد الشركة البريطانية، لم يكن لهذه الشراكة أن تكتمل، بصريح عبارة رئيسها التنفيذي. بذلك يكون رئيس الحكومة بشكل أو بآخر وقع في شبهة تضارب المصالح انطلاقا من موقعه لتحقيق غاية ربحية لفائدة مجموعته الاقتصادية ولغاية حماية حصته بالشركة البريطانية. فإلى متى سيستمر التعامل مع المغاربة بهذا الميز الضريبي؟ حيث بسطاء المواطنين والمقاولين والشركات الصغيرة تقتطع لهم الضريبة من المصدر، ويؤدون جميع أنواع الضرائب المباشرة وغير المباشرة في حين يتنصل أصحاب رؤوس الأموال من التزاماتهم !
فهل هكذا سيتحقق إصلاح الوعاء الضريبي الذي ينشده المغرب؟ سؤال سيبقى مطروحا إلى أن يقدم رئيس الحكومة توضيحات حول هذا الموضوع.