بقلم أيمن الزبير –
لم يكن الطريق إلى الانفراج الدبلوماسي بين اسبانيا و المغرب يسيرا، و إلى أن تتكشف كل التفاصيل سيسجل التاريخ أن هذا الفصل من التشنجات بين الرباط و مدريد كان الأقرب إلى نقل البلدين إلى قطيعة وجودية، شبيهة بتلك التي تلت المسيرة الخضراء سنة ١٩٧٥.
في البدء كان عدم الاكتراث و حتى الاستعلاء، إذ لم يخف حينها بعض أهم المستشارين في قصر “لامونكلوا” استغرابهم من ردة الفعل المغربية بعد استقبال زعيم جبهة البوليزاريو، إبراهيم غالي. قال أحدهم حينذاك: نحن اسبانيا و المغرب بلد إفريقي.
ثم جاءت أحداث سبتة لترفع النبرة إلى مستويات غير مسبوقة. في وسائل الإعلام بمختلف تلاوينها استعادت بعض الأقلام معاجم قروسطية تزامنا مع تحرك ديبلوماسي اسباني في أروقة البرلمان الأوروبي، حيث تم انتزاع قرار يندد و يتهم المغرب باستغلال ملف الهجرة ضد الحدود الجنوبية الأوروبية، في ما بدا انتصارا اسبانيا استثنائيا و طعنة غادرة لا تغتفر في الرباط.
في التوازنات الصعبة كان هذا القرار كفيلا بإعادة ترتيب الأوراق في المغرب لكن ما حصل كان عكس ذلك. تلقفت الديبلوماسية المغربية التحدي و أومأت لنظيرتها الاسبانية أنه لا بديل عن “رأس” وزيرة الخارجية حينذاك، أرانشا غنثاليث لايا، فكان أن تخلى بيدرو سانشيث عن التقنوقراطية الباسكية بعد رسالة قصيرة لم تستسغها أرانشا التي استخدمت وفق بعض المصادر كلاما بذيئا لمؤاخذة رئيسها على تغير المواقف.
لكن “الجائزة” لم تكن كافية وفق معايير الرباط التي انسحبت من لعبة “البوكر” الأزلية في العلاقات الثنائية و فضلت الانتظار مستفيدة من صمت كورونا و وصول وزير اسباني كتوم ارتكب الحد الأدنى من الأخطاء لكنه أحسن غلق نوافذ التسريبات التي كانت تهدد التقارب.
ثم جاء خطاب العاهل المغربي و الموقف الألماني و العلب الصوتية الأمريكية و بزوغ نجم الملك فليبي و لقاءات بعيدة عن الأضواء، مهدت لتسوية استفادت أيضا من استفراد الحزب الاشتراكي بالسياسة الخارجية و تهميش الحلفاء الحكوميين.
رسميا تقول إسبانيا إن النزاع في أوكرانيا فرض مراجعة أوراقها في نزاع الصحراء، مغربيا ما زلنا ننتظر معرفة المقابل.
*مراسل قناة الجزيرة في مدريد