إيكو بريس من طنجة
عندما كان نبيل بنعبد الله وزيرا للسكنى وسياسة المدينة، على الأقل كنا نسمع تصريحات قريبة من إشكالات واقع المدن المغربية، ومقترحات بناءة لمعالجتها، خصوصا فيما يتعلق بمظاهر ترييف المجالات الحضرية، والتكتلات العمرانية الهجينة، والسكن الغير اللائق، وحديثا عن برامج تيسير الولوج إلى امتلاك السكن، وتوفير عروض عقارية ملائمة لمختلف فئات المجتمع، وإيلاء أهمية للتخطيط الحضري باعتباره مدخلا للتنمية الاقتصادية.
مناسبة هذا الكلام، هو حديث الوزير نزهة بوشارب، نهار اليوم الإثنين في العاصمة الرباط، خلال حفل افتتاح المقر الجديد للمكتب القُطري لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، والذي سيكون بمثابة “مركز تنمية حضرية استراتيجي للعمل من أجل بناء مدن شاملة وآمنة ومرنة ومستدامة في المملكة المغربية” صرحت المديرة التنفيذية لموئل الأمم المتحدة، ميمونة محمد شريف، خلال الحدث.
و ترأست نزهة بوشارب وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، وميمونة محمد شريف ، المديرة التنفيذية لموئل الأمم المتحدة ، حفل افتتاح المقر الجديد الذي عرف كذلك التوقيع على وثيقة البرنامج القطري لموئل الأمم المتحدة، والتي تُعد بمثابة خارطة طريق لتحقيق التنمية الحضرية المستدامة والشاملة والتصدي للتحديات الحضرية الرئيسية في المملكة المغربية في السنوات القادمة.
وقد صرحت السيدة نزهة بوشارب وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة أن “افتتاح المكتب الوطني لموئل الأمم المتحدة في المغرب، والذي تتشرف وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة باستضافته بمقرها الرئيسي، سيسمح للمملكة بالاستفادة من دعم موئل الأمم المتحدة لتنفيذ سياساتها العامة في مجال التعمير والإسكان”
ومن هذا المنطلق، تروم وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، أيضا مع هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، جعل سياسة المدينة أداة لمكافحة جميع أشكال الهشاشة والإقصاء الاجتماعي عبر إطلاق دليل مرجعي بعنوان “من أجل فضاءات عمومية حضرية سهلة الولوج للنساء والفتيات”، وذلك بغية طرح النقاش حول إدراج النوع الاجتماعي ضمن مشاريع سياسة المدينة.
فهل تعلم السيدة الوزيرة أن المدن المغربية لا تتوفر حتى على الأرصفة ليمشي فوقها التلاميذ؟ هل تعلم أن اجتياح البناء العشوائي أدى إلى نشوء تجمعات حضرية مشوهة تفتقر حتى على ولوجيات لسيارات الإسعاف والوقاية المدنية في حالات الطوارئ؟ ولكم في مدينة طنجة خير مثال.
ألا تعلم السيدة الوزيرة أن المدن المغربية تفتقر حتى للمرافق الأساسية مثل الحدائق العامة والمناطق الخضراء وحدائق ألعاب الأطفال؟ ألا تعلم الوزيرة أن هوامش المدن الكبرى محاصرة بأحزمة أبنية عشوائية لا تتوفر على ماء ولا على كهرباء ولا على بنية تحتية؟ ألا تعلم الوزيرة أن المجمعات والمركبات السكنية لا يتركون حتى أماكن نموذجية لحاويات جمع النفايات المنزلية؟؟ فكيف تقفز الوزيرة عن كل هذه الإشكالات وتتحدث عن مكافحة أشكال الهشاشة والإقصاء الاجتماعي للنساء والفتيات في الفضاءات الحضرية؟؟
ألا تعلم الوزيرة بوشارب أن الساكنة عموما نساءا ورجالا تعاني من أشكال الهشاشة والإقصاء الاجتماعي، بسبب السكن الغير اللائق الذي فرخه منتخبون لا سلطة لوزارتها عليهم؟ ألا تعلم الوزير أن وزارتها مجرد زائدة إداراتية وفي أفضل الأحوال إدارة صورية لا سلطة لها في مجال التعمير بالمدن المغربية؟ بل وحتى وثائق التخطيط والتهيئة وكل القرارات التي يعدها مهندسو وكالاتها الحضرية يدوس عليها المنتخبون في الجماعات!
أليس من العبث إذن الحديث عن سفاسف الأمور في وقت تعجز فيه وزارة نزهة بوشارب عن تقديم أي شيء للمواطن المغربي، سوى إعداد ترسانة من القوانين الجامدة؟ فلا هي تقدم تسهيلات للمواطن ولا هي تتوفر على آليات لتنفيذ تلك القوانين التي ترسمها.
أليس إذن أن يكون في أجندة أولويات وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، تقوية موقع الوزارة في مجال القرار التنفيذي، وتحريرها من قبضة وزارة الداخلية التي يمثل رجالها ضباط الشرطة القضائية في مجال التعمير؟؟ بينما تكتفي وزارة الإسكان بالتفرج على الخروقات والتجاوزات سواء في المشاريع الفردية أو المشاريع الكبيرة دون أن تستطيع التدخل لزجر الاختلالات التي تنعكس سلبا على المظهر العام للمدن المغربية.