إيكو بريس عبد الرحيم بنعلي
في شوارع مدينة طنجة تتساوى مشاعر السائقين ومستعملي الطريق بمختلف فئاتهم ومكانتهم الاجتماعية ومراتبهم الوظيفية، عندما تختنق شرايين المدينة يكون خلف المقود، صاحب سيارة الأجرة، والمعلم، والمياوم، والمستخدم، وساعي البريد، والمهندس، والمنعش العقاري، وطاشرون البناء، والسمسار، والتاجر، والموظف البسيط، ورئيس المصلحة، ورئيس قسم، ومندوب قطاع وزاري، وحتى مسؤولو الجماعة والولاية، بل حتى عناصر شرطة المرور المكلفين بتنظيم السير والجولان يرفعون الراية البيضاء أمام طوفان المركبات والسيارات والدراجات النارية.
كل هذه الأوصاف والألقاب لا تنفع صاحبها عند الوقوع في فخ البلوكاج المروري، حينها لا تنفع محاولة تحريك الهواتف أو الاتصال بصديق، أو طلب الوساطة لللقفز على الأدوار، كل ما عساه أن يفعل أي سارق لحظتها، إما أن يرشح بمشاعر التوتر خصوصا إذا كان مستعجلا إلى وجهته، أو أن يقرأ جام غضبه سبا وشتما في من حوله، أو لا تفارق يد السارق الضغط على منبه الصوت حنقا عل الوضع. وهناك من يكتم عيضه ويقلب الجو قفشات حتى لا يخرج دخان الغضب من أذنيه.
كيف لا ومسافة 800 متر من ساحة الأمم إلى مدارة منطقة إيبيريا ساعة الذروة (وقت كتابة هذا المقال) ما بين الساعة الثانية بعد ظهر والثالث زوالا، تستغرق من الوقت نصف ساعة على متن سيارتك.
المعطيات المتوفرة من مصادر في مديرية وزارة التجهيز والنقل، تفيد بأن مصالحها تسجل في السنوات الأخيرة ما يقارب 50 ألف سيارة جديدة، يرخص لها بالإذن في المرور فوق شوارع وجرقات مدينة طنجة، فماذا يعني هذا الرقم المجهول؟
من بين ما يعنيه أن القدرة الاستيعابية للبنية التحتية لعاصمة البوغاز فاقت طاقتها القصوى، وتخطت القدرة الاستيعابية للتدفق المتزايد للمركبات المسموح بمرورها داخل شوارع المجال الحضري، خصوصا الشاحنات الكبيرة وشاحنات تكوين المحلات بالسلع والمواد الأساسية، وبالتالي أفرزت هذه العيوب المرورية التي لا تناسب إطلاق مدينة صناعية ما تزال في طور النمو.
ما يحصل من اختناق مروري في عاصمة البوغاز بات يساىل المسؤولين في المجلس البلدي وعملية طنجة أصيلة عن الحلول البديلة للحد من التداعيات السلبية لاختناق شرايين المدينة، فتحسين مناخ الأعمال وتحسين جودة عيش المواطن وتخفيف الاحتقان النفسي، يبدأ من تأهيل البنية التحتية بما يساعد على اختصار الزمن ما بين أماكن الإقامة والسكن وما بين مقرات العمل ومناطق الشغل والحي الإداري والمناطق الصناعية، فهل يعكف المسؤولون على مخطط للنقل الحضري يعتق مستعملي الطريق من هذا الضغط النفسي.