إكونوميك بريس – متابعة
في لحظة إجماع وطني فارقة في التاريخ السياسي المغربي المعاصر، تفتقت عبقرية الوزير عزيز أخنوش باعتباره أحد رجال الأعمال المتضررين من حملة مقاطعة المواد الاستهلاكية بسبب غلاء الأسعار، يتعلق الأمر بشركة “أفريقيا غاز للمحروقات”، تفتقت عبقريته في توكيل وزير يتيم في الحكومة بإعداد نص تشريعي يسعى لـ “تكميم الأفواه” المغاربة.
وهكذا يعترف محمد بن عبد القادر وزير العدل، بعظمة لسانه، في تصريح لأحد المواقع الإلكترونية، بأنه أي قطاعه الوزاري من أعد مشروع قانون 22.20 المشؤوم الذي يهدف إلى تقييد حرية التعبير في فضاءات منصات التواصل الاجتماعي، ويسعى إلى تجريم إبداء الرأي وتقييم السياسات العمومية، حيث اقتبس بنودا ومقتضيات تمتح من عهد الأحزاب الشمولية والنظم السياسية الديكتاتورية.
ونصت المقتضيات التي تم تسريبها على معاقبة دعاة المقاطعة الاقتصادية عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو بالتحريض العلني على ذلك بالحبس من ستة أشهر إلى 3 سنوات وغرامة من 5 آلاف إلى 50 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، وهي نفس العقوبة التي خصصها لمن يحرض العموم على سحب أموالهم من مؤسسات الائتمان.
فهل كان هذه البنود من بنات أفكار وزير حزب الاتحاد الاشتراكي اليتيم في الحكومة المبلقنة ؟؟ أم أن وراءها جهات أخرى أو حزب آخر وكل لوزير العدل محمد بنعبد القادر الذي لا يملك في سوق الاقتصاد ما يخسر أن يؤكل الثوم بفمه؟؟
بالعودة قليلا إلى الوراء في الزمن، ففي استقراء الماضي أحيانا نفهم تقلبات الحاضر والمستقبل، فبتاريخ 13 مارس الماضي أي قبل سبعة أيام من عرض وزير العدل الاتحادي محمد بن عبد القادر، مشروع قانون 22.20 على الأمانة العامة للحكومة، كان هناك اجتماع بين حزب الاتحاد الاشتراكي الذي يترأسه المحامي ادريس لشكر، وبين حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يتزعمه رجل الأعمال وأحد أثرياء المغرب، عزيز أخنوش.
وقد جاء في بلاغ الاجتماع ما يلي: “يعبّر الحزبان عن دعمهما التام لوزير العدل في سعيه إلى تسريع وتيرة إصلاح منظومة العدالة، وفي نفس الوقت يؤكدان على ضرورة انخراط الحكومة في إصلاح شامل وعميق للسياسة الجنائية بما يتلاءم مع مبادئ الدستور، ويساهم في تعزيز الحقوق والحريات”. كما جاء في خبر الاجتماع على موقع حزب RNI.
وهنا يحق لنا أن نطرح بعض الأسئلة لعلها تسعفنا في الفهم، هل حرص حزب التجمع الوطني للأحرار على إصلاح منظومة العدالة والتسريح بتحضير مسودة قانون يجرّم الدعوة إلى المقاطعة الاقتصادية خطوة بريئة ؟ أم أن الأمر يتعلق بصفقة سياسية في خلفياتها رد حزب لشكر الجزاء لأخنوش الذي أصر على إقحام الاتحاد الاشتراكي في الحكومة؟؟
لا يحتاج الجواب على أسئلة كهذه كثير اجتهاد وعناء، ما دام الحزبان المعنيان لاذا بالصمت وانكفئا يتفرجان من خلف شاشات هواتف سمارت فون، والحواسيب الذكية، ردود فعل المغاربة الغاضبة من مشروع القانون المشؤوم.
فإذا كان مفهوما أن أخنوش بدافع عن مركبه المصلحي، فعن ماذا يدافع محمد بن عبد القادر ؟
لا شك أن عزيز أخنوش وبعدما انكشفت البروباغاندا الإعلامية التي كانت تحاول تصويره كبطل قومي نجح في تطوير مخطط المغرب الأخضر، فقد أظهرت أزمة جائحة فيروس كورونا التي احتجنا فيها إلى الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الأساسية، وجدنا انفسنا نستورد من أمريكا اللوز والقمح ومن كندا العدس والفاصوليا وكأن المغرب لا يتوفر على أراضي خصبة وكافية لزرع هذه الزراعات الأساسية في الاحتياجات الغذائية.