بقلم منير اللحياني
يثير ٱهتمامي وٱستغرابي كثيرا هذا الأمر الجلل الذي غفل عنه الكثير من المغاربة، و لازالو يتغاضون عنه، كيف للشعب المغربي أن يختار أميا جاهلا ليمثله؟
إن دور النائب البرلماني هو تمثيل الشعب وإبلاغ صوته، والمشاركة في مناقشة المشاريع المطروحة والتصويت عليها إما بالقبول أو الرفض، وهذه مسؤولية وأولوية ملحة يكفلها الدستور، وأمر منطقي ومهم بالنسبة للشعب المغربي، لأنه لا بد من وجود جهة تقوم بالمحاسبة السياسية للحكومة، ولكن هل بالفعل يستطيع شخص أن يقوم بهذه المهمة وهو غير مدرب أو مؤهل، حتى وإن كان شخصا واعيا و حكيما في أقواله و أفعاله، يجب أن يتوفر فيه شرط العلم، والعلم طبعا لا يؤخذ فقط من المدارس والجامعات، ولكن لا بد من وجود شهادة تؤهله لتلك المهمة، مثلا مشروع “تقنين القنب الهندي” الذي صوت عليه 119 برلماني من الغرفة الأولى من أصل 368 برلماني، مع العلم أن العديد من هؤلاء الذين صادقوا على هذا المشروع لا يملكون حتى شهادة البكالوريا، بل البعض منهم لم يدخل حتى المدارس، فكيف قاموا بدراسة هذا المشروع؟ ومعرفة أضراره على المجتمع أو منفعته له، وهنا أتحدث عن الدراسة العلمية، وليس المعرفة العامية المتداولة بين جميع شرائح المجتمع هذا اولا.
ثانيا كيف ل “عقل الدولة” الذي يدرك جيدا أن المغرب حاليا على مشارف الخروج إلى ساحة المنافسة الخارجية في العديد من المجالات، أن يقبل بمثل هذا “العبث” في مجال له أولويته وخصوصيته بين المجالات “المجال السياسي”، في حين نرى أن الدول المتقدمة أصبحت تولي ٱهتماما علميا كبيرا حتى في أبسط المجالات، فهذا بحد ذاته عائق أمام تقدم المغرب. أما ثالثا وهو الأهم، وهو الذي يثير ٱهتمامي أكثر و اشمئزازي أن هذه الشريحة المعينة من البرلمانيين على مشارف سن الشيخوخة، في حين نرى شبابا في المغرب له أفكار حديثة، وقدرات هائلة في التدبير والتسيير، يستطيعون أن يقوموا بهذا الدور على أكمل وجه، وبنسبة أعلى وأنجح من البرلمانيين الحاليين، أولا لأنهم مثقفون ويتمتعون بشهادات عليا تخولهم مثل هذه المكانة، وثانيا لأن لهم أفكارا وٱستراتيجيات حديثة تتماشى مع التطور السريع الذي يشهده المغرب والعالم.
إذن لماذا نقوم بإقصاء شريحة الشباب المثقف المتعلم المتجدد من المجال السياسي، و نولي هذه المكانة المهمة لأشخاص لا يفقهون شيئاً، هذه مسؤولية الشعب قبل أن تكون مسؤولية الدولة، لأن الدولة لا تتحمل القسم الأكبر من المسؤولية في هذا الشأن بقدر ما يتحمله الشعب، فالشعب هو من يختار من يمثله ويدعمه حتى يبلغ الكرسي، أما الدولة فلا ترغم الشعب على دعم شخص أو التصويت له، ومن هنا يتضح لنا جليا ان هذه المهزلة يتحمل القسط الأكبر منها “الشعب المغربي”، وطبعا هذه المهزلة أهم عامل لبروزها هو “الجهل”، وثمن ٱختيار الجاهل يكون تفاقم الجهل أكثر، أمر طبيعي أن تستنتج مما كتبته أنني أنتقد، لأنني بالفعل أنتقد وأقدم الحل، وهو تشجيع الشباب على دراسة العلوم السياسية والقانونية والتدبيرية، وفتح أبواب الأحزاب السياسية المغربية على مصراعيها أمام الطاقات المتجددة المؤهلة، وأنتقد بالفعل لأنني لا أرضى أن يمثلني “أمي جاهل” وأن يصدع بمشاكلي وطموحاتي أمام جهات إصدار القرار، فأن يكون 100 نائب برلماني مؤهل داخل المجلس، خير من وجود 368 برلماني لا يفقه أكثرهم شيئاً، وتأكد أيها الشعب المغربي أنه ما بني على الجهل يهدم وإن طال به الزمن.