إيكو بريس من طنجة
قالت المندوبية السامية للتخطيط، إن جائحة فيروس كورونا ساهمت بشكل سلبي النمو الاقتصادي، حيث سيتأثر الطلب الداخلي كثيرا بالتداعيات السلبية للأزمة الصحية الناتجة عن كوفيد-19، نتيجة القيود الاحترازية وإجراءات منع التنقل للحد من انتشاره وآثاره على أنشطة المقاولات ومستوى معيشة الأسر.
وأضافت المندوبية السامية للتخطيط في تقرير حول الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2021 ، أن الأسباب المشار إليها أعلاه، ستؤدي إلى فقدان العديد من مناصب الشغل نتيجة الوباء إلى تدهور مداخيل الأسر وبالتالي، تراجع مستوى استهلاكها. وسيتأثر هذا الأخير الذي يمثل نصف الطلب الداخلي، بتراجع مداخيل العالم القروي، نتيجة تداعيات تعاقب موسمين من الجفاف.
وهكذا ستلجأ الأسر أمام انخفاض مداخيلهم إلى تقليص نفقات استهلاكهم عوض اللجوء إلى الاقتراض. وبالتالي، سيعرف لجوؤها للقروض على الاستهلاك انخفاضا هو الأول من نوعه بحوالي %2,5 عوض زيادة سنوية متوسطة ب %11,7 خلال الفترة 2002-2019. وبالتالي، سيسجل استهلاك الأسر نموا سالبا غير مسبوق، هو الأول من نوعه منذ سنة 1997 قدر بحوالي%-9,4 سنة 2020. وهكذا، سيسجل مساهمة سالبة في النمو الاقتصادي ب-5,3 نقط عوض مساهمة موجبة بنقطة واحدة سنة 2019.
وستفرز هذه الأزمة مصحوبة بتداعيات سنتين متتاليتين من الجفاف، إلى ركود عميق هو الأول من نوعه منذ أكثر من عقدين من الزمن.
على مستوى القطاع غير الفلاحي، تعد الأنشطة المرتبطة بالطلب الخارجي، خاصة الطلب الوارد من الدول الأوروبية، هي الأكثر تضررا بتأثيرات الوباء. ويتعلق الأمر أساسا بقطاع السياحة وأنشطته الملحقة والصناعات الميكانيكية والكهربائية بالإضافة إلى أنشطة صناعة النسيج والجلد والتجارة والنقل. وبالمقابل، ستتمكن أنشطة أخرى من تجاوز تداعيات الأزمة وتسجيل نتائج جيدة، خاصة أنشطة المعادن والصناعات الغذائية والصناعات الكيميائية وشبه الكيميائية وخدمات أنشطة الصحة والتعليم والخدمات الإدارية.
وهكذا، ستتأثر أنشطة الصناعات التحويلية بالتداعيات السلبية للأزمة الصحية وبالتوقف المؤقت للعديد من الصناعات وتراجع دينامية السوق الداخلي والأسواق العالمية. وبالتالي، ستعرف القيمة المضافة لهذه الأنشطة سنة 2020 تراجعا كبيرا، لتسجل معدل نمو سالب في حدود%7 عوض ارتفاع ب %2,8 سنة 2019. وتعزى هذه النتائج غير الملائمة أساسا إلى انخفاض القيمة المضافة للصناعات الميكانيكية والكهربائية ب %22,4 عوض ارتفاع ب%4,7 خلال السنة الماضية.
وهكذا، ستتأثر أنشطة قطاع صناعة السيارات، المرتبطة كثيرا بالطلب الخارجي والتي تمثل %27 من الصادرات الوطنية خلال الفترة 2010-2019، بشكل كبير بهذه الأزمة، نتيجة التوقف الجزئي لأنشطة العديد من الوحدات الصناعية. بالإضافة إلى ذلك، سيتأثر قطاع صناعة الطائرات، الذي ينشط في منظومة سلسلة عالمية، بشكل مباشر نتيجة الصعوبات التي تواجهها مختلف أنشطة مصانع الطائرات، وبالتالي تراجع كبير للطلب على الطائرات الجديدة، الشيء الذي سيقلص كثيرا من وتيرة الإنتاج من طرف شركات الطيران الجوي الكبرى.
وبخصوص أنشطة النسيج والجلد، فإنها ستسجل انخفاضا ب 14,1% سنة 2020 عوض ارتفاع ب%3,1 سنة 2019، متأثر بتداعيات الأزمة الصحية والمشاكل البنيوية التي يعرفها القطاع، خاصة منافسة الأسواق التركية والصينية، والوزن الكبير لأنشطة القطاع غير المنظم. وستتفاقم هذه الوضعية الهشة بالاختلالات التي تعرفها المخزونات لدى الوحدات الصناعية من المدخلات الواردة من أسيا وخاصة الصين وبالانخفاض الكبير للطلب الخارجي الموجه نحو منتجات النسيج والجلد، خاصة الواردة من إسبانيا وفرنسا. غير أن تغيير بعض وحدات إنتاج مواد النسيج لأنشطتها نحو إنتاج مستلزمات طبية، مستفيدة من الارتفاع القوي للطلب العالمي والوطني على هذه المنتجات.