إيكو بريس متابعة
حكى ناجون من فاجعة معمل الموت بطنجة، في مقابلة مصورة مع موقع “إيكو بريس” تفاصيل اللحظات الأخيرة للكارثة، التي هزت الرأي العام الوطني صباح الاثنين الماضي.
أحد الناجين من الفيضانات الطوفانية، قال بأنه عايش عن قرب غرق زملاءه في العمل دون أن يستطيع فعل أي شيء لهم، “كنت عاجزا لأن قوة السيول الهادرة كانت أقوى من قدراتنا البشرية”، زيادة على أن بعضنا كان معلقا في أعمدة حديدية، وآخرون عالقون فوق الأدراج ولا يستطيعون النزول إلى المياه.
من خلال شهادات الناجين من الضحايا عن أجواء العمل في ورشة الخياطة، تتجلى الأواصر الأخوية التي تجمع العاملين، تقول إحداهن “كنا أسرة واحدة”، نتبادل الهموم، نحكي الأسرار، نشترك الطعام.
وبين التركيبة البشرية التي كانت تصنع ملابس موجهة للتصدير الأوروبي في المعمل المنكوب، ثمة أسر بكاملها، وأزواج، وأشقاء، وأبناء عمومة، ذلك أن قطاع النسيج والألبسة قطاع يعد واحد من أكثر القطاعات المشغلة لليد العاملة في مدينة طنجة.
ومن بين الضحايا الذين لقوا مصرعهم في الفيضانات الطوفانية، أربع شقيقات، غرقن دفعة واحدة، بينما نجت والدتهن التي كانت متواجدة في الطابق العلوي من المعمل، وقد كانت قصة هذه الأسرة التي تنحدر من مدينة فاس، من حي سهب الورد، أكثر القصص مأساوية في فاجعة الاثنين الأسود.
قصة أخرى لا تقل مأساوية، عن سابقاتها، تهم رجل وزوجته يعملان معا في مصنع الخياطة، فقد كان الزوج يهم بمغادرة الطابق السفلي فتذكر أن أم أولاده ما تزال بداخل السرداب السفلي، فعاد لتقديم المساعدة لها، لكن عودته قادته إلى دار البقاء.
نهاية أخرى تراجيدية يوم الفاجعة، تعود إلى شقيقتين إحداهما تبلغ من العمر 23 سنة، والثانية 18 سنة، هما الوحيدتان لأمهما التي تقطن في حومة الشوك بمقاطعة الشرف، تركا أما ثكلا تبكي حرقة فراقة فلذات كبدهما، وقد تحدثت الأم لموقع “إيكو بريس” في زيارة لمنزلها البسيط، بكلمات تترجم معاني الصبر على المصاب الجلل، وتعكس درجة عالية من الإيمان بقضاء الله وقدره، حيث ظلت تردد قائلة؛ “بناتي مشاو عرايس عند الله… أنا راضية عليهم الله يرحمهم.. هذا مكتوب سيدي ربي أنا راضية به”.
ومن بين الأقارب الذين لقوا حتفهم نهار الواقعة الأليمة، وفاة أحد الشباب رفقة ابن عمه، وذلك في أول يوم عمل له.
أما الناجون من هول الكارثة، فمازالو لم يستوعبوا بعد ماذا حدث، بعضهم ما يزال يسترجع المشاهد المرعبة ويحمد الله على النجاة من الفيضان، وبخصوص مطالبهم فإنها لا تعدو أن تكون مناشدة للسلطات بتمكينهم من المرافقة النفسية لاسترجاع الاستقرار النفسي، بعدما عادوا من شبح الموت لواقع صعب ينتظرهم بعد فقدان زملاءهم، وخسارة مكان عملهم.